فازت أمس الإثنين العالمة الأردنية، مؤسسة مبادرة "نحن نحب القراءة" الدكتورة رنا دجاني بجائزة نانسن للاجئ عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تقديرا لدورها في تعزيز القراءة والتعليم بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة وغيرهم.
وكانت الدكتورة رنا قد أطلقت المبادرة "نحن نحب القراءة" عام 2006 في مكتبة واحدة تخدم 20 طفلا بالأردن. واعتبارا من كانون الأول/ديسمبر 2013، انضمت إليها 300 مكتبة عبر الأردن.
وعملت المبادرة على تدريب 700 فرد على القراءة بصوت عالٍ للآخرين في هذه المكتبات، الأمر الذي ترك أثرا إيجابيا مباشرا على 10 آلاف طفل وأثرا غير مباشر على 50 ألف طفل في مختلف أنحاء الأردن.
من جهتها تقول الدكتورة رنا، وهي عالمة أحياء جزيئية بارعة درست وعملت في بعض المؤسسات الأكاديمية الرائدة حول العالم، بما في ذلك هارفارد وييل، إنها أدركت من خلال البحث المعمق "أن الطريقة التي يمكنها أن تجعل الطفل يحب القراءة هي أن يكون لديه نموذج يحتذى به".
وقد أكدت إلى أن القيم التي تعلمتها من خلال التربية الإسلامية هي التي قادتها للعمل بناء على ما تعلمته - ليس فقط لصالح أطفالها، بل لأكبر عدد ممكن من الأطفال.
وتقول :"شعرت بهذه المسؤولية الضخمة، وكان على أن أفعل شيئا للأطفال ممن هم حولي. أحسست بأنني إذا لم أفعل شيئا، فسوف أشعر بالذنب لأنني أملك الحل".
وتعمل مبادرة نحن نحب القراءة حاليا في 56 دولة حول العالم، وقد دربت أكثر القراء، ومعظمهم من النساء - وجلبت معها متعة القراءة لما يقرب من نصف مليون طفل، بما في ذلك عشرات الآلاف من اللاجئين الشباب في الأردن وخارجه.
تقول الدكتورة رنا إن المبادرة تدرب الأطفال على كيفية القراءة بصوت عالٍ على أنه فن، "لأن معظمهم لم يسبق لهم أن قرأوا بصوت عالٍ، لذا فهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك لكي يبدو الأمر لهم ممتعا. ونحن ندربهم أيضاً على كيفية بدء جلسة قراءة بصوت عالٍ في الحي الذي يقطنونه".
ويُعرف أولئك الذين يتلقون التدريب باسم سفراء القراءة، والذين يتم تشجيعهم بعد ذلك على ترتيب جلسات قراءة في أحيائهم بشكل تطوعي بحت وتعريف أشخاص آخرين بالبرنامج.
وبهذه الطريقة، تقول دجاني، أصبح البرنامج أكثر شعبية، حيث يشعر المشاركون فيه بتولي زمام الأمور والتمكين، مع وجود أكثر من 4,400 جلسة يتم عقدها حاليا في جميع أنحاء العالم.
وأفادت دجاني بأن المتدربين يصبحون "مسؤولين عن البرنامج ويديرونه. هذه هي الخلطة السرية في برنامج "نحن نحب القراءة"، وهي: كيف يتعامل الأشخاص مع البرنامج أينما كانوا".
وفقا للعالمة الأردنية، فقد أثبتت الخطة فعاليتها بشكل خاص في سياقات اللاجئين في الأردن، والذي يستضيف حاليا أكثر من 658 ألف لاجئ سوري مسجل، مما كان له تأثير إيجابي على كل من الأطفال اللاجئين والمتطوعين من البالغين. بعد هذا النجاح، تم تكرار النموذج في مخيم كولي للاجئين في إثيوبيا.
وتضيف دجاني قائلة: "لا يعرف معظم اللاجئين ما سيحدث في المستقبل ... وهذا يؤثر على صحتهم العقلية. يمنحهم برنامج نحن نحب القراءة هدفا في حياتهم، شيئا ملموسا. الشعور بالتحكم أمر مهم جدا لبناء العزيمة وتحسين العقلية الإيجابية".
لطيفة اللحام، لاجئة سورية تبلغ من العمر 55 عاما واضطرت للفرار من الصراع الدائر في بلادها من دمشق إلى الأردن في عام 2013.
تجنبت اللحام الكتب والقراءة معظم حياتها بعد تركها المدرسة. ولكن بعد إكمالها التدريب في شهر يناير، لم تباشر القراءة بانتظام لأحفادها وأطفال جيرانها فحسب، بل أصبحت أيضا قارئة شغوفة.
وعن تلك التجربة تقول: "القراءة جعلت الأطفال يحبونني أكثر، كما أنني خصصت وقتا خاصا للقراءة لنفسي قبل غروب الشمس بمجرد أن أنتهي من الطهي. أنا شخص مختلف بعد التدريب الذي منحني القوة والثقة لأصبح شخصاً مختلفاً. حتى لشخص في عمري، يمكنك تغيير حياتك".
تقول الدكتورة دجاني إنها فوجئت بالشعبية العالمية التي حظيت بها مبادرة نحن نحب القراءة، مشيرة إلى أن هذا النجاح يحفزها للعمل بجدية أكبر لجلب فوائد حب القراءة لمزيد من الأطفال.
"لم أكن أتوقع حقا بأن المبادرة ستصل إلى ما هي عليه اليوم، لكنني حلمت بذلك. وهذه نصيحة مفادها أنه يجب أن نحلم و أن نؤمن بأنفسنا، لأنه لا يوجد شيء مستحيل".
وتعتبر جائزة نانسن للاجئين، هي جائزة سنوية مرموقة تمنح تكريما لمن بذلوا جهودا استثنائية لمساعدة النازحين قسرا وعديمي الجنسية. قد تم إطلاقها تيمنا بالمستكشف النرويجي والناشط الإنساني فريدجوف نانسن، وهو أول مفوض سامٍ للاجئين وحائز على جائزة نوبل، والذي عينته عصبة الأمم عام 1921.
تهدف الجائرة إلى إبراز قيم نانسن المتمثلة في المثابرة والالتزام في مواجهة الشدائد.
إضافة تعليق جديد