العنوسة تتخلل عالم الرجال

الثلاثاء, يوليو 28, 2020 - 21
تقارير منوعة

إسراء علي البهنساوي

كاتبة صحفية

        الزواج والعنوسه...مصطلحات تظهر في عالمنا العربي بصفة عامة ...وتتوقف لديهما الحياة..بل ويعد تارك الزواج بارادته أو اجبرته الحياة على ذلك ...موصوما بذلك المصلح (عانس) ويتقبل المجتمع العربي، إطلاق ذلك اللفظ على الفتاة التي لم تتزوج بمنتهى السهولة حتى من قرنائها من النساء أو الفتيات وكأنه سبة الدهر..بل وأيضا يلومها من حولها فالأفضل لها أن تتزوج أي كان من يكون على أن تظل بدون زواج حتى وإن كان الأصلح لها....أما عن الرجل فيظل عازبا فقط وكأنها نقاط تؤخذ لصفه...

       ولكن اصبحت الحياة تلقي بظلالها على الرجل حتي أنه بدء في التمتع بلقب الرجل العانس ...ولتخفيف قوة هذا اللقب فيطلقون عليه مضرب عن الزواج أو لديه عقدة ما....فإلينا بعض أولاءك المضربين ومبرراتهم ممن تجاوزوا عقدهم الثالث:

     بداية فالرجل العانس هو من تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره دون أن يتزوج أو دون أن يظهر أنه مقبل على ذلك في وقت قريب ورغم الإصرار على أن العنوسة لقب نسائي فقط فإن لغة الأرقام تؤكد أيضا معاناة الرجال منها، ففي سوريا تبلغ نسبة الرجال العانسين 50 في المائة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 30-،40 وفي مصر7 .29 في المائة تتراوح أعمارهم بين 35 و،40 وفي لبنان 95 في المائة تتراوح أعمارهم بين 25 و35 وفي الأردن 9 .31 في المائة تتراوح أعمارهم 25-35 ، وفي قطر 15 في المائة والبحرين 20 في المائة وهذا يهدد المجتمعات العربية بالخطر والانحراف القيمي والأخلاقي .

عبد المجيد الحجي رجل أعمال ناجح :

        لقد فقدت الثقة في هذه الدنيا فلم يعد يهمني أن أكون متزوجا أو أبا له أبناء رغم امتلاكي ثروة طائلة، فلا يهمني ولا أفكر في من سيرثني بعد مماتي، فقد ضاع عمري بحثا عن المال .

أمثل عبد الواحد الباحث عن فتاته :

      فهو يرفض الزواج من فتاة لها تجارب سابقة وهذا ما جعله يتأخر في الزواج حتى أصبح في الخامسة والأربعين ولم يجد فتاته تلك، وهذا مايشعره بالقلق والضيق لإحساسه بالحرمان ، موضحا أن عدم ثقته بالآخرين وشكه فيهم منعه من خوض هذه التجربة إلى أن وجد نفسه وحيدا تائها في هذه الدنيا .

عمار الهيثم فقد حبيبته :

     بكل صراحة أنا لم ولن أتزوج أبدا لأنني خلال دراستي الجامعية أحببت زميلة لي ولكن ظروفي المادية لم تكن جيدة، وعندما ذهبت لخطبتها بعد حب دام ثلاث سنوات كان الرفض في انتظاري من أهلها لسوء وضعي المادي فتحطم قلبي وضاع حلمي وما أزال عازبا .

وليد أبو العلا حلم بعيد المنال :

      أنهيت دراستي الجامعية وحصل على وظيفة بمرتب لا بأس به ،فارتفاع المهور وتكاليف الزواج وتأمين المنزل وطلبات الزوجة كلها تحتاج لمبالغ طائلة ، ولو بقيت أعمل ليلا ونهارا وأدخر كل راتبي أحتاج لسنين طويلة حتى أحقق جزءا من متطلبات الزواج وعلي أن لا آكل ولا أشرب ، بل أصبحت آلة لجمع النقود فقط وربما لا استطيع أن أحقق هذا الحلم ولكم أشعر بالإحباط عندما أرى شابا أصغر مني قد تمكن من تكوين نفسه وتأسيس عائلة ، ويستغرب من وضعه لأنه يمتلك كل المقومات ولاكن لا يحدث.

كامل الخالد (37 عاما) الاستقرار الوظيفي :

     أعمل في البناء ولا استطيع الزواج لأنني لا أتمتع بالاستقرار الوظيفي فأنا لاأملك أية ضمانات في العمل وليس لي أي حقوق ورب العمل ربما يصرفني من عملي في أية لحظة، في وسعي تأمين منزل ولكن بمساعدة أهلي لأن الراتب الذي أحصل عليه غير كاف ولا يساعدني على الادخار ويمكن أن أفقده في أي وقت، لقد عرفت فتيات كثيرات وأطمح لأن تكون واحدة منهن زوجتي لكن ما إن أصارح الفتاة بوضعي المادي حتى تصل العلاقة الى ختامها، وكلي ثقة في أن الله سيجعل لي مخرجا .

بشار هواري العانس بإرادته:

     لاتستغربوا فكما نجد في المجتمع أشخاصاً يبذلون كل ما بوسعهم دون أن ينجحوا في الزواج، كذلك يوجد من الرجال من يميلون إلى العزوف الاختياري عن الارتباط الأسري رغم قدرتهم على توفير كل متطلبات الزواج وأنا واحد منهم، فالزواج في المجتمع العربي يمثل حالة من الارتباط الشديد وله متطلبات كثيرة تلزم الشاب بالكثير من المسؤوليات لذلك فإنني واحد من الذين يفضلون التخلي عن ذلك وأنا لاأرغب في إشراك شخص آخر، أي امرأة في حياتي .

محمود حسن (38 عاما) وتلك الفتاة التي يحلم بها :

   لقد ضاع العمر وأنا أبحث عن فتاة أحلم بها منذ صغري تعرفت إلى الكثيرات ولكن لم أجد التي أبحث عنها، والذي استنتجته أن أغلب الفتيات يبحثن عن عريس جاهز يملك المال والمنزل والسيارة وكلها مستلزمات العصر وأنا لا أملك كل متطلبات الزواج لذلك قررت أن لاأفكر في الارتباط إطلاقا .

    ويعلق الدكتور طارق عبد المجيد باحث في علم الاجتماع على الموضوع من وجهة نظر تخصصية إذا أردنا البحث في أسباب ارتفاع سن الزواج والآثار المترتبة عليه فلنا مايلي :

  • لابد من تحليل ظاهرة العنوسة تحليلا شاملا والنظر إليها في ضوء التحولات الفكرية والاقتصادية والثقافية العالمية ، وهي التغيرات التي طرأت على مفهوم الأسرة عامة وظواهرها المتمثلة في الطلاق والتفاعلات الاجتماعية داخل الأسرة قد تغيرت المفاهيم المرتبطة بالحياة الأسرية خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة.
  • كما أن زيادة نسبة العنوسة بين الفتيات والشباب على السواء أدت إلى تحولات اجتماعية أدت بدورها إلى تبديل وتغيير أنساق القيم لدى الأفراد حيث انهارت القيم التقليدية وأصبحت قيم الأسرة وقيم الاحترام بين الزوجين وتقديس العائلة تحتل مرتبة متأخرة في سلم القيم .
  • وأثرت التغيرات الاقتصادية العالمية في المجتمع المحلي وأدت إلى مشكلات نوعية في المجتمعات كالبطالة الدائمة وندرة فرص العمل وارتفاع الأسعار لاسيما كل ما يتعلق بمستلزمات الزواج .
  • وفي دراسة نفسية للرجل العانس أكد الطب النفسي أن الرجل العانس بإرادته يجد صعوبة في الارتباط النفسي والاجتماع الإنساني ، وقد يكون رافضا لتحمل المسؤولية، والبعض الآخر أعفته بيئته من تحمل هذه المسؤولية .
  • كما ان الرجل الذي تأخر في اتخاذ قرار الزواج إلى أن وصل إلى سن معينة يكون من الصعب عليه بعد ذلك تغيير أسلوب حياته كالنوم والأكل والشرب والعمل وإدارة العلاقات الاجتماعية ، خاصة أن دخول المرأة في حياته كزوجة يتطلب الكثير من التغيرات وهذا ما يخافه حيث انه عاش عقودا من الزمن على شكل نفسي معين يصعب تغييره وهؤلاء يعانون العزوبية المرضية .
  •  كما أن عدم ثقة الرجل بالمرأة نتيجة خلل نفسي شديد الخطورة ناشئ نتيجة اضطرابات العلاقة بين هذا الرجل وأمه أو أخته أو غيرهما في سنوات الطفولة والمراهقة وهذا ما أدى إلى تحول انعدام الثقة إلى كراهية، وهذه الحالة يصعب علاجها إذا تخطى الرجل سن الأربعين ولن يفوتنا التذكير بأن بعض الرجال يخافون من حدوث الخلافات الزوجية نتيجة ما يسمعونه في محيطهم يؤثر فيهم ويجعلهم عازفين عن هذه الخطوة .

ولهذا  فلابد من مقترحات تساهم في الحد من انتشار هذه الظاهرة حيث ان الحل يحتاج إلى تكاتف الأيدي وتشابكها حتى نتمكن من الحصول على نتيجة .