الدكتورة بشرى الحمداني: الصحافة الإستقصائية مجهود جبار لنجاح لابد منه

إن الصحافة الاستقصائية ليست صجافة عادية بالرغم من كونها أحد أنواع الصحافة التي يقوم فيها الصحفيون بالتحقيق في موضوع معين مثل الجرائم الخطيرة أو الفساد أو مخالفات الشركات. لكنها لا تتوقف عند هذا الحد لتنتهي، بل آنها تسعى لكشف أمور خفية للناس. تبحث في معلومات قد تكون أخفيت عمدا أو بالصدفة.و قد يقضي الصحافي شهورًا أو سنوات في البحث وإعداد التقرير، الأمر الذي قد يعرضه للخطر. كما قد يتطلب الأمر مصادر معلومات ووثائق سرية وعلنيه، كل يكون دليلا في قضية ما

في هذا الصدد تحدثت الدكتورة بشرى الحمداني أستاذة مادة التحرير الصحفي في الجامعة العراقية. مشيرة إلى أن الصحافة الإستقصائية ليست حديثة بل أن مصطلح الصحافة الاستقصائية ظهر حديثاً نسبياً كمرادف للتحقيقات المعمقة التي يسعي فيها الصحافيون إلى كشف أمور خفية على الجمهور، سواء أخفاها أشخاص بشكل متعمد، أو اختفت صدفة في ظروف لم تفهم

وتوضح بأن الصحافة الاستقصائية تتجاوز التغطية الإخبارية التقليدية للأحداث، منها إلى تغطية تسبر أغوار القضايا وتكشف الخبايا بالاعتماد على مصادر ووثائق موظفة في سبيل ذلك توظيف جيد. وهي تتطلب وسائل علمية، وإمكانات تقنية، مع المزيد من الوقت والجهد والتكلفة.

وتشير الحمداني إلى أن الصحافة الاستقصائية تحتاج إلى بيئة ديمقراطية حقيقية وفهم واع لدور الإعلام، لتستطيع أن تعمل وتسبر أغوار القضايا المجهولة وتكشف حقائقها للرأي العام على طريق تصويب أي انحرافات في المجتمع.

وتؤكد بأن أهمية الصحافة الاستقصائية تنبع من الوظيفة التي تؤديها. كونها تعد كاشفة لجرائم وفضائح وفساد الساسة والمسئولين. تقول"يقال في الغرب، (أن للصحافة الاستقصائية قدرة لا تضاهى على ربط مسئولين بجرائم معينة).

وتكمل" إذن الصحافة الإستقصائية هي أداة للوصول للحقيقة (من مصدرها الأصيل)، والوقوف على صدقها من كذبها، تضخيمها من تحجيمها،  بإختصار هي أداة تعمق فهم الحدث.

كما أنها بوابة مهمة لشروع أجهزة الدولة في فتح التحقيقات في جرائم المال والإدارة. وتشكل مركز معلومات المؤسسة، وقاعدة بياناتها. بالإضافة إلى أنها تمثل صحافة العمق، الذي هو مستقبل الصحافة الحية الناجحة المؤثرة مستقبلا، كما يقول الصحفي الأميركي الذي يعتبر من أكفأ الصحفيين الاستقصائيين في العالم سيمور هيرش: (مستقبل الصحافة في صحافة العمق). ثم تكمل" لذا فأن الصحافة الاستقصائية ضرورة لنهوض صحافة مؤسساتنا الإعلامية تحديداً، وهي مبرر لوجودها”.

وترى أستاذة مادة التحرير الصحفي بأن التهديدات التي تطال بعض الصحفيين من أهم المعوقات والتحدبات التى تواجه الصحافة الإستقصائية، حيث أن بعض الصحافيين يتعرضون لتهديدات خصوصاً إذا تناولت تحقيقاتهم شخصيات معروفة إجتماعياً أو ذات نفوذ. كما قد يتلقون عروضاً لشراء سكوتهم،والبعض قد يخسر عمله.

وتضيف هناك أمثال على ذلك، مثلما حصل مع أحد الزملاء الذي استقصى حالات من المتورّطين في وثائق بنما في إحدى البلدان العربية، وأخر كشف إنتهاكات أجهزة الأمن في دولة عربية في تحقيق مرئي عرضته قناة الـ»بي بي سي». فيما تخلى البعض مضطراً عن فخره بإنجازه، بنشر تحقيقه باسم مستعار للحفاظ على سلامته.

وتنهي الدكتورة بشرى الحمداني حديثها معنا بأن تقنيات التواصل الاجتماعي وغيرها من أدوات الإعلام الجديد أعطت حظوظا أوفر للصحفيين حيث وفرت مجالا خصبا من الأفكار التي يمكن أن تشكل نقطة بداية لدى الصحفي المتقصي لبدء تحقيقه وهذا من الممكن، أن يتم عبر المتابعة المستمرة لما يتم تداوله عبر مواقع الفيس بوك أو توتير وبالتالي الوصول إلى فكرة جديدة تستحق الاهتمام، وقد برزت العديد من المواقع التي تقدم للصحفي أبرز ما تم تداوله بين نشطاء الإعلام الجديد.